شمس حب الله

موضوع: شمس حب الله الخميس أبريل 10, 2008 11:28 pm

بالإيمان يصل الإنسان إلى مرحلة العشق الإلهي ، و حب الله لذاته " و الذين آمنوا أشد حباً لله" .. فمن خلال تلك العاطفة السامية سينال المؤمن حب الله له "فوف يأتي الله بقوم يحبهم و يحبونه" . و استشعار مواطن الجمال في خلف الله و حبها يقربنا منه تعالى، ففي دعوات رسولنا الحبيب – صلى الله عليه و سلم - نجد قوله "اللهم إني أسألك حبك و حب من يحبك و العمل الذي يبلغنا حبك" ، و حول قيمة الحب و معناها قال الشاعر إيليا أبو ماضي : "إن نفساً لم يشرق الحب فيها .. لهي نفس لم تدر ما معناها، أنا بالحب قد وصلت إلى نفسي .. و بالحب قد عرفت الله "

و للآن لا يعرف لماذا ينجذب شخص لآخر دون غيره ؟! فنداء الحب يأتي إليك بدون استدعاء أو سابق قرار ، و للعلم لا يوجد بشر يسيطر تماماً على مشاعره بدليل أنه لا يستطيع منع الحزن إذا داهمه أو الفرحة إذا اجتاحته و غمرته .. كذلك الحب .. فلا سلطان لنا عليه ، و لأنه فيض من روح الله في خلقه فهو سر من أسراره و الله أعلم بذلك ، و في البداية اعتقد العلماء أن جمال الخلقة و الوجه بمثابة بطاقة دعوة للحب ، و لقد ثبت خطأ هذا لسبب بديهي و هو أن الجميلات كثيرات ، و لا يوجد واحدة بالدنيا فيها صفات الكمال و الجمال كلها ، إذن لماذا يقع الحب مع واحدة دون غيرها؟!!

أشارت مدرسة فرويد الى أن شكل الأم قد يحدد ملامح الحبيبة فمن تشبهها ستكون مرشحة لسهام الحب ، و دارت الأيام و ثبت علمياً عدم دقة هذا الافتراض ، و أشار العلماء الى أن الصدفة لا توجد الحب، و الى أن هناك خريطة حب مرسومة في كل نفس منذ الصغر و كامنة في اللاشعور و بها المعايير المفضلة لدى كل شخص لمواصفات محبوبه و شريكه القادم المجهول، و من هذه المعايير نظرات العيون و موسيقى الصوت و رائحة جاذبة أو في جمال الوجه و كمال الخلق أو قدرات و ذكاء في العمل و غيرها ...

و العلم أشار حديثاً الى أن التجاذب بين المجالات الكهرومغناطيسية غير المرئية و الصادرة من المخ ، قد تكون هي سبب التقارب و الالتقاء العاطفي و الحب بين شخص و آخر فبعد تبادل النظرات و الانجذاب بين تلك الموجات قد يتم التجاوب و تفتح الأبواب للحب من أول نظرة و في ذلك قال الشاعر : "إن العيون إذا تكلم صمتها خرست لديها ألسن الفصحاء" و لا عجب فقد ثبت علمياً أن للعيون لغة و بصمة تميزها و سبحان الخالق الذي أودعها.

أما موجات الصوت و ذبذباته فتنتقل لطبلة الأذن و للجهاز العصبي و للقشرة المخية و لغيرها ، و البحوث العلمية أثبتت أن الطفل يرتبط بأمه عند سماع دقات قلبها و صوتها ، و للعلم فلكل صوت بصمة خاصة به. و اللغة تمثل هي الأخرى وسيلة للإفصاح عن المشاعر و من خلال الكلمات و وقعها تثور المعاني الدافئة لتحرك المشاعر الدفينة في نفس المتلقي لها ، و قد يتولد وقتها الحب من أول همسة و يقول الشاعر في هذا : "يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة و الأذن تعشق قبل العين أحياناً" و عن وقع الكلمات و تأثيرها في إحياء الحب يقول شاعر آخر : "كلماتنا في الحب تحيي حبنا .. تحيا حروف الصدق حين تقال"

أما حب رائحة الحبيب فهو قد يتولد نتيجة لانطلاق مواد كيميائية ذات رائحة خاصة جداً و فريدة تميز كل جسد عن آخر و تفرزها مجموعة من الغدد و يلتقطها الشريك المحبوب بسهولة و يسر و عن بعد و يكون لها وقع مؤثر عليه دون غيرها.

و أبهى صور للحب هي الحب من أول بسمة ، فالإبتسامة لها جاذبية ساحرة في النفوس السوية لأنها تحمل المشاعر الجياشة بصدق من داخل الصدر الى الوجه بفطرية أخاذة ، و رسولنا الكريم محمد – صلى الله عليه و سلم – يقول : "تبسمك في وجه أخيك صدقة" و عندما نتأمل حروف كلمة ابتسام فسنجد أنها تحوي أعز كلمتين لأعز اثنين لدينا في الدنيا فأولها "أب" و آخرها "أم" و من الابتسامات الشهيرة الجميلة الصافية تجدها بلوحة الموناليزا و عندما تتعدد الابتسامات تنفجر و تتولد الضحكات من رحمها ، و العلم أشار الى أن الضحك ينظم ضربات القلب و يقلل التوتر و ينشط بعض الأوعية الدموية و يزيد تدفق الدم الى المخ و يحدث توازن كيميائي نفسي بالجسم و علاوة على ذلك تفرز مواد كيميائية تمنح الضاحك من الأعماق الفرحة و الغبطة و السرور.

و في النهاية و بصورة عامة ففي الحب تختلط أنهار السعادة مع براكين الألم في مد و جزر دائم ، فعند لقاء المحبوب تنطلق من الجسم وقتها مواد كيميائية و هرمونية عديدة تبعث النشوة و السعادة و السرور حال النظر إليه و الاستمتاع به و الاستماع إليه، و أشهر هذه المواد الأندروفين و هي تشبه لحد ما المورفين و الأفيون و لكن تأثيرها أقوى منهم بكثير في منح الإحساس بالسعادة و الفرحة و في تخفيف الألم . و لذا يطلق على مجموع هذه المواد التي تفرز لقب الأفيونات الطبيعية و للعلم فعند غياب المحبوب تضمحل و تقل نسبة هذه المواد الكيميائية بالجسم و وقتها تستشعر النفس غيابها فتتعذب و تتألم لفراقه و تتشوق لرؤية المحبوب حتى تعود الأفيونات الطبيعية لأعلى معدلاتها و لتعود الفرحة و الابتسامة .

إنه إدمان الحب لشخص بذاته تلك هي كيمياء الحب و لغته و في ذلك يعبر الشعراء بقولهم : "تهل العين دمعي يوم أشوفه و تهل الدمع عيني في الوداع " علينا أن نعمق الشعور بالحب بيننا بدون الوقوع في الخطيئة فلا حياة بدون حب. و افتحوا نوافذ النفس لتشرق فيها شمس حب الله و حب البشر و الوطن.

بقلم أ/ سناء البيسي – مجلة نصف الدنيا

» لك الله يا مصر
» لا إله إلّا الله
» لا تضيع الفرصة ما دمت فى الدنيا !